روائع مختارة | روضة الدعاة | الدعاة.. أئمة وأعلام | قصة إسماعيل.. عليه السلام

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > الدعاة.. أئمة وأعلام > قصة إسماعيل.. عليه السلام


  قصة إسماعيل.. عليه السلام
     عدد مرات المشاهدة: 4629        عدد مرات الإرسال: 0

ارتبط حديث القرآن الكريم عن النبي إسماعيل عليه السلام في أغلب الأحيان بالحديث عن أبيه إبراهيم عليه السلام.

وقد جاء الحديث عن النبي إسماعيل في اثني عشر موضعاً في القرآن الكريم. وحديث القرآن عن هذا النبي ينتظم في العناوين التالية:

المولد والنشأة
:

كانت زوجة إبراهيم عليه السلام سارة عقيماً لا تلد، فأشارت على زوجها أن يتزوج من خادمته هاجر، ففعل.

وقد حكى القرآن الكريم دعاء إبراهيم أن يرزقه الولد، قال تعالى: {رب هب لي من الصالحين * فبشرناه بغلام حليم} (الصافات: 100- 101).

فرزقه الله إسماعيل عليه السلام، فانتعشت نفس إبراهيم، وقرت به عينه، بيد أن الغيرة دبت إلى قلب سارة، وأصبحت لا تطيق الغلام الصغير، ولا تحتمل رؤية أمه.

فتمنت على زوجها أن يذهب بهما إلى أقصى الأماكن، فاستجاب إبراهيم لرغبتها، واصطحب زوجته هاجر وابنه إسماعيل إلى البيت العتيق. فأنزل هاجر وطفلها في هذا المكان الفَقْرِ، وتركهما في ذلك المكان النائي.

لا يملكان من أمرهما شيئاً، ثم عاد إبراهيم إلى زوجته هاجر، وخلَّف زوجه ووحيده في تلك البقعة النائية.

وهو يدعو الله أن يكلأه بعنايته، ويحفظه برعايته، وهو يقول: {إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون} (إبراهيم: 37).

نبع زمزم:

امتثلت هاجر لأمر زوجها، ولقضاء ربها، وتحلت بالصبر الجميل، وأخذت تأكل وتشرب مما كانت تحمله معها من الزاد، ثم لم تلبث أن جف ضرعها، وأصبحت لا تجد لبناً تُرضعه الطفل، ولا ماء تطفئ به ظمأ صغيرها.

وهي في مكان لا ماء فيه ولا غذاء، ولا أنيس فيه ولا جليس، فحاولت أن تجد لها من مأزقها مخرجاً.

فتركت صغيرها في مكانه يتلوى ويصرخ، وسارت هائمة على وجهها باحثة عن الماء، ومفتشة عن الغذاء، فلم تظفر من ذلك بشيء، ثم وصلت إلى جبلين، يقال لأحدهما: الصفا، ويقال للآخر: المروة، فأخذت تسعى بينهما بحثاً عن طِلْبتها.

ثم عادت إلى طفلها فوجدته يزداد صراخاً من الجوع والعطش، ويضرب برجليه الأرض، فإذا الماء يخرج من تحت قدميه!! يا لرحمة الله بهذا الطفل! ويا للطف الله به! رأت هاجر رحمة الله وعنايته بها وبطفلها.

فجلست تستريح من عناء بحثها، وأكبت على الطفل تروي ظمأه. هذه العين التي تفجرت تحت قدمي الطفل إسماعيل هي عين زمزم، التي لا زالت تروي حجيج بيت الله إلى يوم الناس هذا، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ولما نبع الماء، وسال على الأرض، اجتذب الطير إليه، فحومت حوله، وحلت فوقه، وكان قوم من قبيلة جُرهم يسيرون قرب هذا المكان، فعلموا من تحليق الطير، أن ثمة ماء في هذا المكان، فدلفوا إليه، واتخذوه موطناً ومقاماً.

فأنست هاجر بهم، واطمأنت إلى جوارهم، وشكرت لله أن جعل أفئدة الناس تهوي إليهم، وكانت تلك دعوة إبراهيم عليه السلام، {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون} (إبراهيم: 37).

رؤيا ذبحه:

كان إبراهيم عليه السلام طوال حياته يأمل الولد، حتى إذا بلغ من الكبر عتياً، رزقه الله إسماعيل، فاقرَّ به عينه، ثم امتثل لأمر ربه، فترك ولده وزوجه في مكان فَقْر، وكان ما كان وشبَّ الطفل وعرك الحياة.

ثم ها هو إبراهيم عليه السلام يؤمر بأن يذبح ابنه إسماعيل، ولده الوحيد العزيز! إنه لأمر تنوء بحمله الجبال.. استجاب إبراهيم لربه، وامتثل أمره، وسارع إلى طاعته، فشدَّ الرحال إلى ابنه ليلبي أمر الله فيه، ولم يلبث أن أخبر ولده بما أمره الله به.

فقال: {إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى} (الصافات: 102)، فبادر الغلام بالطاعة، وقال: {يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين} (الصافات: 102)، فقال إبراهيم: نعم العون أنت يا بني على أمر الله!

واستسلم الشاب لأمر ربه، وألقاه إبراهيم على الأرض، وأمسك السكين لينفذ أمر الله فيه، وتدفقت عبراته، وتتابعت زفراته، ووضع السكين على حلقه، وأمرَّها على عنقه، بيد أنها لم تقطع، ولم تفعل فعلها المعهود.

ثم ألقاه على قفاه وأعاد الكرة ثانية، فلم تفعل السكين ما هو مطلوب منها، فأدركت الحيرة إبراهيم، وشق ذلك عليه، فتوجه إلى الله أن يجعل له مخرجاً، فرحم الله ضعف الشيخ الكبير، ورحم قلب الشاب الفتي، واستجاب الله دعاء إبراهيم، وكشف غمه.

ونودي: {أن يا إبراهيم * قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين} (الصافات: 105)، فدى الله إسماعيل {بذبح عظيم} (الصافات: 107)، رآه بجواره، فأقبل عليه وذبحه؛ فكان فداء لابنه، وحقناً لدمه.

زواج إسماعيل:

بعد أن شبَّ إسماعيل عليه السلام، واستقام عوده، وذاع صيته، واختلط بمن حوله تزوج بواحدة من قبيلة جرهم..

وامتلأ سروراً باجتماع أسباب السعادة، ثم إن أباه أمره بفراق زوجه ففارقها. وقد ذكر أهل السير أن اسمها عمارة بنت سعد بن أسامة بن أكيل العماليقي.

ثم نكح غيرها، فأمره أن يستمر بها، فاستمر بها، وهي السيدة بنت مضاض بن عمرو الجرهمي.

ثم إن المنية اختطفت أم إسماعيل عليه السلام، فعزَّ على إسماعيل فقدها، وتفطر قلبه حزناً عليها، ثم استسلم لأمر الله وقضائه.

بناء الكعبة:

بعد أن كان ما كان من رؤيا الذبح، ترك إبراهيم ولده، وقفل راجعاً إلى موطنه الأصلي، فلبث بعيداً عن ابنه ما شاء الله أن يلبث.

ثم وفد إليه لأمر جليل، وشيء عظيم، فقد أمره الله ببناء الكعبة، وإقامة أول بيت للناس، فاستجاب لأمر ربه، واضطلع به غير هياب.

وعندما التقى الوالد والولد سرعان ما تعانقا، وبثَّ كلٌّ منهما للآخر ما يجد، ثم أفضى إبراهيم لابنه بما أمره الله به، فكان إسماعيل أطوع لأبيه من بَنَانه، وما كان جوابه إلا السمع والطاعة.

وسارا إلى المكان المحدد لإقامة البيت، وأخذا يحفران الأرض، ويرفعان قواعد البيت، وكان إسماعيل يأتي بالحجارة، ويهيئ الأدوات، وإبراهيم يبني.

وهما يسألان الله ويقولان: {ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم * ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم} (البقرة: 127- 128)، ولم يلبثا طويلاً حتى وُضع الأساس، وظهر موضع البيت.

ولما ارتفع البناء، وطال الجدار، وقصرت يد إبراهيم عن أن تصل إلى أعلى البناء، طلب من ابنه أن يأتيه بحجر يستعين به ليصل إلى مطلوبه، فجاءه إسماعيل بحجر كان عوناً لـ إبراهيم على إتمام بناء البيت، وهكذا تم بناء البيت الذي جعله الله {مثابة للناس وأمنا} (البقرة: 25).

تشتاق إليه الأرواح، وتحن إليه الأفئدة، وتأنس به النفوس، استجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام: {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون} (إبراهيم: 37).

صفاته:

وردت في القرآن الكريم آيتان كريمتان، تضمنتا جانباً من النعم والفضائل التي منحها الله سبحانه لنبيه إسماعيل عليه السلام.

هاتان الآيتان قوله سبحانه: {واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا * وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا} (مريم: 54- 55)، فوصف سبحانه نبيه إسماعيل بصفات أربع:

الأولى:

أنه كان {صادق الوعد}، ووصفه بهذا الوصف وإن كان غيره من الأنبياء كذلك؛ تشريفٌ له، وتكريمٌ لشأنه؛ ولأن هذا الوصف من الأوصاف التي اكتملت شهرتها فيه.

الثانية:

أنه كان {رسولا نبيا}، أي كان من رسلنا الذين أرسلناهم لتبليغ شريعتنا، ومن أنبيائنا الذين رفعنا منزلتهم، وأعلينا قدرهم.

الثالثة:

أنه كان: {يأمر أهله بالصلاة والزكاة}، أي: وبجانب حرصه على أداء هاتين الفريضتين، كان يأمر أهله وأقرب الناس إليه بأداء هاتين الفريضتين؛ لكي يكون هو وأهله قدوة لغيرهم في العمل الصالح.

الرابعة:

أنه كان {عند ربه مرضيا}، أي: كان إسماعيل عند ربه مرضي الخصال والفعال؛ لاستقامته في أقواله وأفعاله، ولصدق وعده، ولأمره أهله بالصلاة والزكاة، ولا شك أن من اجتمعت فيه هذه الخصال، كان ممن {رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم} (المائدة: 119).

وقد روى ابن كثير بسنده عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اتخذوا الخيل واعتبقوها، فإنها ميراث أبيكم إسماعيل). وكانت هذه العراب - خيل عراب خلاف البراذين الواحد عربي- وحشاً، فدعا لها بدعوته التي كان أعطيها، فأجابته.

وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أول من فتق لسانه بالعربية البينة إسماعيل، وهو ابن أربع عشرة سنة) ، فكان إسماعيل أول من تكلم بالعربية الفصيحة البليغة، وكان قد تعلمها من العرب العاربة، الذين نزلوا عندهم بمكة من جرهم والعماليق وأهل اليمن من الأمم المتقدمين من العرب قبل الخليل عليه السلام.

ولم يرد في القرآن الكريم القوم الذين أرسل إليهم إسماعيل عليه السلام، وقد ذكر ابن كثير: أن إسماعيل عليه السلام كان رسولاً إلى قبائل جرهم والعماليق، وأهل اليمن صلوات الله وسلامه عليه. أن يكون أمراً إجرائياً، الغرض منه تيسير إيصال المعلومة المتعلقة بجانب الأحكام، وعلى الله قصد السبيل.

المصدر: موقع إسلام ويب